من هو المؤسس الحقيقي لعميد الأندية السعودية”نادي الاتحاد”؟
كيف كانت بداية نادي الاتحاد؟ ماذا كانت خلفيته؟ وصف تفصيلي رائع لبدايات وتطور كرة القدم في المملكة العربية السعودية.
المؤسس الحقيقي لعميد الأندية السعودية
وعندما تذكر عبارة «عميد الأندية الرياضية السعودية»، فالإشارة هنا بالطبع إلى نادي الاتحاد في جدة. والسبب هو أن هذا النادي هو أول نادي وطني لكرة القدم أنشئ في الحجاز عام 1927م، وإن كان هناك من يدعي أن نادي الوحدة بمكة المكرمة هو النادي الأول. وفي ذلك العام اجتمع مجموعة من أهل جدة للتشاور في أمر إنشاء فريق كرة قدم يحتضن هواة اللعبة من المواطنين لمنافسة الفرق الأجنبية مثل فرق الجاليات الجاوية والسودانية والصومالية واليمنية، وفرق البوارج والبواخر الانجليزية التي تتردد على ميناء جدة من حين لآخر. فكانوا ينتهزون الفرصة عندما ترسو السفن والبواخر لمدة يومين أو ثلاثة أيام للعب مباريات ودية مع الفرق المحلية.
وتقرر حينها أن يكون اسم فريق كرة القدم الجديد هو «الاتحاد»، وأن يمارس أنشطته بشكل يتوافق مع المعايير الرياضية المعروفة في العالم، كبديل عما كان سائدا في حينه مثل اللعب بالأقدام الحافية والسراويل الطويلة والثياب المشمرة على ملاعب ترابية. وسرعان ما توطدت أسس «الاتحاد» وتحول إلى نادٍ رياضي مرموق بفضل الدعم الذي تلقاه من سمو الأمير عبد الله الفيصل الابن الأكبر للأمير فيصل بن عبد العزيز نائب أمير الحجاز، علمًا بأن الأمير عبدالله الفيصل كان يقود وقتذاك وزارة الداخلية المنوط بها في تلك الحقبة شؤون الرياضة والكشافة.
لقد وجد الأمير عبدالله الفيصل في «الاتحاد» نواة طيبة لمستقبل رياضي مشرق في بلاده فحرص على حضور مباراته الكبيرة الأولى مع فريق البارجة البريطانية «جون هور» التي أقيمت بجدة في عام 1949 والتي فاز بها الاتحاد 2/1. وكان هذا دافعًا للأمير الوزير أن يطلب من وزير المالية المرحوم عبدالله السليمان الذي رافقه في حضور المباراة المذكورة زيادة بند مخصصات الرياضة في ميزانية وزارته. كما كان دافعًا للأمير أن يتكفل بنقل فريق الاتحاد إلى القاهرة كي يتعرف عن كثب على الكرة المصرية الأكثر تطورًا آنذاك ويحتك بفرقها المعروفة. وهكذا فإن الإتحاد كان قد أرسى أقدامه ككيان رياضي صلب قبل سنوات من الاعتراف الرسمي بالرياضة في المملكة العربية السعودية وما تلاه من تشكيل أجهزتها وهياكلها التنظيمية في عام 1952. إذ كانت الرياضة، وتحديدا كرة القدم، ينظر إليها حتى تاريخه كمفسدة، وكانت «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» تطارد مزاوليها وتعنفهم.
تقول الأدبيات السعودية الخاصة بتاريخ الرياضة في المملكة الشقيقة إن الفضل في تأسيس نادي الاتحاد يعود إلى مجموعة من شباب جدة الذين تنادوا لهذا الغرض وعقدوا اجتماعًا خلف مبنى اللاسلكي في مدينة جدة. كان من بين هؤلاء الشباب المتحمس: حمزة فتيحي، عبدالصمد نجيب، إسماعيل زهران، علي اليماني، عبدالعزيز جميل، عبداللطيف جميل، عثمان باناجه، أحمد أبوطالب. وفي الاجتماع التأسيسي اقترح عبدالعزيز جميل على الحضور أن يكون إسم النادي الجديد هو «الاتحاد» قائلاً: «طالما أننا متحدون على الفكرة، فليكن اسم نادينا هو الاتحاد»، فتجاوب معه زملاؤه وفي مقدمتهم حمزة فتيحي، غير أن الدكتور أمين ساعاتي يخبرنا في الصفحة 550 من كتابه «تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية» أن «اسم الاتحاد اختير بطريقة لا إرادية محاكاة لفريقي الاتحاد السكندري والاتحاد السوداني اللذين كانت أخبارهما تملأ آذان الرياضيين في الحجاز».
وفي الاجتماع نفسه اقترح اللاعب إسماعيل زهران، الذي كان وقتئذ موظفا في جهاز اللاسلكي والتلغراف، اسم رئيس جهاز اللاسلكي الاستاذ علي سلطان ليكون رئيسًا للنادي، فقوبل اقتراحه بالموافقة الفورية. أما عن تدريب فريق كرة القدم بالنادي فقد عهد به إلى اللاعب محمد صالح محمد سلامة، خصوصًا وأن هذا الأخير كان عائدا للتو من الهند، حيث عمل هناك في مكاتب الوجيه الحاج محمد علي زينل في «بمبي»، وتعرف على كرة القدم عن كثب وتعلم بعض فنونها وقوانينها من الإنجليز زمن الهند البريطانية.
وأما عن مجلس الإدارة فقد جاء تشكيله على النحو التالي: علي سلطان (رئيسًا)، صالح سلامة (مدربًا وقائدًا)، عبدالعزيز جميل (سكرتيرًا)، عبدالرزاق عجلان (عضوًا)، عباس حلواني (عضوًا)، عثمان باناجة (عضوًا)، عبدالله بن زقر (عضوًا)، زهران إسماعيل (عضوًا)، عبدالله جميل (عضوًا). وشيئًا فشيئًا صار الاتحاد فريقا مهابا، خصوصا بعدما حقق انتصارات على جميع فرق الجاليات الأجنبية، وحصل على نيشان من الذهب الخالص كان قد قدمه الوجيه الشيخ أحمد ناظر باسم نجله فؤاد ناظر، وذلك على إثر تغلبه على فريق «المختلط» في عام 1931، علما بأن اللاعب حمزة فتيحي كان نجم هذه المباراة.
وطالما أتينا على ذكر اللاعب حمزة فتيحي فإن هناك من يؤكد أنه هو المؤسس الحقيقي للنادي لأنه كان صاحب الفكرة والشخصية الأكثر حماسًا لها، والرجل الذي كانت له آراء وقرارات سديدة في فترة التكوين على الرغم من صغر سنه آنذاك، ناهيك عن أنه أنفق الكثير من جيبه الخاص على النادي دون منة أو طمع في الشهرة والمناصب. إضافة إلى ما سبق، فإن فتيحي هو الذي بادر وكتب رسالة إلى وزير الداخلية الأمير عبدالله الفيصل جاء فيها: «مازلنا نطمع في عطف سموكم علينا ومازال الأمل والاطمئنان يحدو في نفوسنا في نيل الرضا والفوز بمطلبنا، فنحن من شبان جدة الرياضيين قد أمضينا في مزاولة لعب كرة القدم سنين ثم حرمنا منها دون ما ذنب نستحق من أجله الحرمان، ولما أن إخواننا الرياضيين من شباب مكة المكرمة والسودانيين وغيرهم من الأجانب يتمتعون حتى الآن بمزاولة هذه اللعبة ونحن ننظر إليهم بعين الحسرة والألم نظرة محروم منها في ذلة وانكسار، فإننا أتينا إلى أعتاب سموكم خاضعين مستعطفين أن يشملنا سموكم بعطفه وشفقته ويمن علينا بالموافقة الكريمة بمقارنتنا بهؤلاء الإخوان، مع امتثالنا للأوامر التي تفرض علينا أدام الله عزكم سيدي.
وسبب هذه الرسالة كما جاء في الصفحة 139 من كتاب «التاريخ الرياضي في عهد الملك عبدالعزيز» لمؤلفه الأستاذ محمد علي القدادي هو أن الأوامر كانت قد صدرت في عام 1939 بمنع ممارسة لعبة كرة القدم بسبب أحداث الحرب العالمية الثانية، غير أن فرقا كروية عادت لممارسة اللعبة في حواري مكة في عام 1944، بينما لم يسمح بذلك في جدة إلا لفرق الجاليات الأجنبية. ويعزي الدكتور أمين ساعاتي في الصفحة 554 من كتابه آنف الذكر سبب منع الجداويين من ممارسة اللعبة إلى أمر آخر هو إتصاف بعض مبارياتهم بالخشونة المتناهية على نحو ما حدث في أول مباراة بين فريق الإتحاد وفريق البحري في عام 1933، حيث أصيب لاعب الاتحاد «هارون فيرا» بكسر، وأصيب مشجع الاتحاد «أحمد قشلان» بسكتة قلبية، وهو ما دفع أعيان جدة إلى التقدم بطلب للجهات المختصة يدعونها فيه إلى «منع ممارسة الرياضة التي كانت في نظرهم نوعا من المطاحنة والعداء والكسر». وفي أعقاب هذا الالتماس من فتيحي وتقديم بعض الرياضيين الضمانات الكافية بالابتعاد عن الخشونة والمشاغبة والاعتداء أصدرت الجهات المختصة في عام 1938 أمرا يسمح للجداويين بالعودة لممارسة رياضة كرة القدم. غير أنه لم تمضِ سنتان حتى صدرت أوامر جديدة بالمنع بسبب تكرر المشاجرات في بعض المباريات.
فمن هو حمزة الفتيحي؟ وما هو دوره في هذا الكيان الرياضي العريق؟
ولد حمزة حسن فتيحي في جدة في عام 1911، ابنا لعائلة تجارية معروفة. وشارك في نادي الاتحاد بعد تأسيسه كلاعب في كل الخانات باستثناء خانة حراسة المرمى في فريق كرة القدم منذ عام 1928، قبل أن يتولى قيادة الفريق وتدريبه بعد رحيل قائده ومدربه الاول اللاعب محمد صالح سلامة. ولعل أهم أسباب إختياره خلفا لسلامة هو خبرته وتفانيه في خدمة النادي، فضلا عن لياقته البدنية العالية. وفي عام 1934 تم اختيار فتيحي رئيسًا للنادي تحت ضغوط اللاعبين، وذلك خلفًا لصالح سنبل الذي ترأس الاتحاد لمدة أسبوعين فقط.
وخلال مشواره كلاعب شارك في مباريات تاريخية لنادي الاتحاد أهمها المباراة التاريخية الحماسية التي جمعت الأخير مع نادي الرياضي بجدة في عام 1929 والتي انتهت بفوز الاتحاد بثلاثة أهداف نظيفة، وكانت أول مباراة تجمع فريقين وطنيين سعوديين. وفي هذه المباراة، التي حل نادي الرياضي نفسه على وقع الهزيمة التي مني بها، سجل أحد الأهداف الثلاثة بقدم اللاعب فتيحي. ومن المباراة القوية الأخرى التي شارك فيها فتيحي، مباراة الاتحاد مع فريق البارجة البريطانية هاستنجس، والتي كانت نتيجتها تعادلا بطعم الانتصار بسبب قوة الفريق البريطاني وخبرته. وهناك مباراة التحدي بين فتيحي كقائد للاتحاد وصديقه حسن شمس كرئيس للنادي الأهلي، الذي كان قد تأسس في جدة في عام 1937، حيث فاز الاتحاد أيضا، الأمر الذي دفع الأهلي لتجنب ملاقاته على مدى السنوات الـ الاحدى عشرة التالية.
ومما لا شك فيه أن هذه الانتصارات التي حققها فريق كرة القدم بنادي الاتحاد تحت قيادة فتيحي، إضافة إلى الأجواء الحماسية في صفوف الجمهور الرياضي في الحجاز لجهة حضور المباريات الرياضية ودعم فرقها، جعلت إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية تحت قيادة الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله تقرر في مطلع الخمسينات من القرن العشرين أن تنظم للمرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية مسابقات في كرة القدم بنظام الدوري بين الأندية وتخصص لها كأسا فضية. وقد اقتصر الدوري وقتذاك على أندية مكة المكرمة وجدة فقط، وذلك لتقارب المستوى الفني بين فرقها الكروية، فشاركت أندية: الاتحاد، أهلي مكة، الثغر (أهلي جدة حاليا)، الهلال، البحري، الوحدة، علما بأن المباراة النهائية جمعت بين الاتحاد والثغر على ملعب الصبأن في عام 1952، حيث تعادل الفريقان في الزمن الأصلي، قبل أن يفوز الاتحاد في الزمن الإضافي الذي تحدد حينذاك بأربعين دقيقة بناء على اقتراح من الأمير عبدالله الفيصل.
ويقال أن فتيحي هو الذي صمم للنادي شعاره، وهو الذي كان وراء إحضار أطقم الملابس الرياضية الحديثة لفريق كرة القدم من مدينة بور سودان السودانية، لكن الدكتور أمين ساعاتي كتب في الصفحة 549 من كتابه آنف الذكر أن مجلس إدارة النادي أوعز إلى أحد معارفه في بور سودان أن ينتقي أطقما من الفانلات ليكون شعارًا له، فلم يجد آنذاك في المحال التجارية إلا فانلات مخططة رأسيا باللونين الأصفر والأسود، فتم اعتمادها.
كما قيل عن فتيحي أنه رفض تغيير شعار النادي حينما اقترح البعض عليه ذلك قائلاً: «حينما أموت غيروا الشعار كما تشاؤون»، وذلك طبقا لما أوردته صحيفة عكاظ السعودية (30/6/2014)، ولهذا فإن الاتحاد هو الفريق السعودي الوحيد الذي لم يغير شعاره منذ مولده. وفتيحي هو أيضا من جعل الاتحاد أول ناد سعودي يدخل نظام التذاكر لحضور المباريات بحسب البعض، وذلك حينما نشرت صحيفة «صوت الحجاز» في عددها السابع (سنة 1931) إعلانا يقول نصه «يعلن فريق الاتحاد الرياضي الوطني بجدة أنه قد جعل حضور المباريات التي سيقيمها بتذاكر مطبوعة.. وأنه قد جعل قيمة التذكرة في المباريات العادية ربع ريال، وفي مباريات الكؤوس نصف ريال، وأما الأعضاء الفخريين فتعطى لهم مجانا… وأنه قد عهد إلى محمد أحمد بسيوني بجانب (صيدلية محمد سعيد تمر) بتوزيع تلك التذاكر وتنظيم حافلات الفريق، وستقدم لأصحاب التذاكر مقاعد لجلوسهم ومشروبات مرطبة، فنحض مواطنينا على الإقبال».
أما خلال عمله كمدرب فقد عرف عن فتيحي إعتماده لفلسفة مفادها أن التدريب اليومي المكثف هو الأفضل لللاعب كي يحافظ على لياقته البدنية وبالتالي على سرعته في الملاعب. ولهذا استطاع فتيحي أن ينجب للملاعب السعودية عددًا من نجوم كرة القدم القدامى من امثال: عبدالعزيز حسام الدين، صالح زهران أبيض، وصالح زهران أسود. وفي سياق حديثه عن التدريب نقلت عنه عكاظ (مصدر سابق) قوله: «التدريب موهبة واستعداد وقوة شخصية وحب للعمل، وليس شهادات ومعاهد، ولم يعلمني أحد فقد اعتمدت على الله ثم باجتهادي، وكنت أمارس لعب الكرة والتدريب معًا».
من جهة أخرى كان لفتيحي فضل المساعدة في تأسيس أندية وفرق رياضية سعودية أخرى غير نادي الاتحاد، لكن تلك الأندية والفرق لم تتمكن من الصمود والاستمرارية بعد رحيل مؤسسيها، خصوصا وأن فتيحي لم يكن قادرًا على الاضطلاع برعاية شئون أكثر من ناد. فمثلا ساعد الرجل صديقه أمين تونسي في عام 1931 على تأسيس فريق الاتفاق بجدة من أجل أن يستوعب هذا الفريق الاعداد المتزايدة من اللاعبين الذين تمنوا اللعب في الاتحاد، كما أنه ساعد قبل ذلك الشيخ عبدالحميد مشخص رحمه الله في عام 1930 على تأسيس فريق الإخاء الفلاحي لضم كل عشاق كرة القدم من طلبة مدرسة الفلاح، لكنه عاد وطلب في عام 1932 تغيير اسم الفريق إلى الفريق المدرسي كي يستوعب كل طلبة المدارس وليس طلبة الفلاح فحسب.
ومن الأمثلة الأخرى الدالة على ابتعاد فتيحي عن الأنانية قيامه بمساعدة صديقه حسن شمس الذي كان يكبره سنًا لجهة تأسيس النادي الأهلي بجدة في عام 1935، حيث كان الأخير لا يجد فرصة للعب في الاتحاد لأنه كان يعج بالمواهب الرياضية الكثيرة، فاقترح عليه فتيحي أن يؤسس ناديًا آخر ويتولى قيادته ويشبع من خلاله طموحاته، فامتثل شمس للاقتراح وقام مع آخرين بتأسيس النادي الاهلي، بل أن فتيحي اختار له التسمية وحدد له ملعب البغدادية بجوار ملعب الإتحاد لتأدية التمارين. وفوق ذلك كان فتيحي لا يتأخر قط عن تدريب الأهلي في أوقات فراغه، ويترك لشمس فرصة التدريب واللعب في كلا النادين، الأهلي والاتحاد.
ومن بين الشخصيات الرياضية التي لعبت مع فتيحي، بل وتدربت على يده أيضا، رجل الأعمال «حامد عبيدلي» الذي انضم إلى فريق الاتحاد كلاعب أثناء عمله في جدة لدى «آل زينل علي رضا»، ثم انتقل للعمل لدى شركة أرامكو بالظهران فأسس وقاد في الأخيرة فريق «إتحاد الظهران» الذي تغلب على فريق الأهلي الصومالي بنتيجة 2/1 في مباراة أقيمت في الظهران في عام 1946 وحضرها المغفور له الملك عبدالعزيز الذي صادف أن كان وقتذاك في جولة على منشآت النفط بالمنطقة الشرقية. فدخل «حامد عبيدلي» تاريخ الرياضة السعودية ليس باعتباره أول من أسس فريقًا كرويًا في المنطقة الشرقية، وإنما أيضا باعتباره الرياضي السعودي الوحيد الذي حظي بالسلام على الملك عبدالعزيز وتسلم كأسًا منه.
في عام 1952، وهو العام الذي تأسست فيه الإدارة العامة للرياضة والكشافة بوزارة الداخلية، اعتزل فتيحي التدريب وتفرغ لممارسة التحكيم. ولما كان وزير الداخلية الأمير عبدالله الفيصل على اطلاع بسيرة فتيحي الناصعة في المجال الرياضي، ولما كانت وزارته وقتذاك بصدد تأسيس جهة راعية للتحكيم الرياضي، فقد قرر سموه ابتعاث بعض الرياضيين السعوديين إلى القاهرة لدراسة مهنة التحكيم، وكان فتيحي في مقدمة المنخرطين في تلك البعثة، حيث تمكن من إنهاء دورة تحكيمية وعاد إلى المملكة في عام 1955 كأول حكم سعودي متخرج ومعتمد. وكانت أولى المباريات التي أدارها باقتدار تلك التي جمعت بين منتخب جدة ومكة من جهة ومنتخب الرياض من جهة أخرى، وحضرها المغفور له الملك سعود الأول شخصيا، علما بأن نتيجها كانت 7/1 لصالح منتخب جدة ومكة.
ومع تقدمه في العمر تحول فتيحي إلى واحد من أكبر داعمي ومشجعي ومحفزي ناديه حتى تاريخ مرضه في عام 2003 ودخوله المستشفى للعلاج بأمر من الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان جلالته أميرًا لمنطقة الرياض، وبرعاية كريمة من أمير مكة المكرمة آنذاك الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، الذي كان قد كرمه في مناسبة الاحتفال باليوبيل الماسي لتأسيس نادي الاتحاد في عام 2002. وأثناء مرحلة استشفاه، التي انتهت بوفاته في ثاني أيام شهر رمضان المبارك من عام 2003، كان فتيحي موضع متابعة من قبل كل محبيه وأصدقائه وجمهور ناديه وأعيان محافظة مكة المكرمة، وعلى رأسهم وزير النفط السعودي الأسبق هشام محي الدين ناظر الذي وصف رحيله بـ «الرحيل المؤلم للرياضة والرياضيين في السعودية».
اقرأ أيضا